اهلا رمضان

[i][b][color=#3399cc]المسلم دائما كالنحلة في سباق دائم في الخيرات، يتحرك بين الزهور، ومن خير إلي خير، ومن طاعة إلي طاعة، ومن تقوي إلي تقوي حتى يرتقي ويرقي أكثر في كل العبادات، فأيام الله جميعها نفحات والرسول الكريم أرشدنا إلي هذه الرحمات لننهل منها ولا سيما في أفضل الشهور الذي أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران.
والمسلم الحق هو الذي يقضي الشهر الكريم بصيام أيامه وقيام لياليه، حتى يجني الثمرة منه وهي التقوى بالإضافة لغفران الذنوب وأعمار الكون طبقا لمراد الله.
وحول التسابق في رمضان للخيرات والاستفادة من النفحات فيه كان هذا التحقيق.
في البداية يؤكد الدكتور محمد حرز الله أمام مسجد الحسين أن الأمة الاسلامية عليها أن تفهم جيداً مقاصد الشريعة الاسلامية من الفرائض والأحكام، وطاعة أمر الله ومراده من الخلق ومن ذلك تعاملنا مع شهر رمضان المعظم والذي يجب أن يكون أمامنا فيه قول الله تعالي "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدي للناس وبينات من الهدي والفرقان" فنأخذ في حياتنا القرآن منهجاً ودستوراً وقراءة وفهما وتعبداً به إلي الله تبارك وتعالي وكما يجب أن نفهم حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم في قوله "شهر رمضان أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النيران" حتى لا نحرم من نفحات رب العزة علي عباده هذا الشهر الفضيل وقد استقبله النبي صلي الله عليه وسلم مع أصحابه عندما صعد المنبر وله ثلاث درجات فقال علي الدرجة الأولي أمين وقال عند الثانية أمين ثم قال عند الثالثة أمين، فلما انتهي من خطبته سأله الصحابة الكرام عن تأمينه ثلاثا فقال صلي الله عليه وسلم "جاءني جبريل عليه السلام في الدرجة الأول وقال لي خاب وخسر من أدرك أبويع أحدهما أو كلاهما فلم يدخلاه الجنة فقل أمين، فقلت أمين، وعند الثانية قال جبريل خاب وخسر من أدرك رمضان ولم يغفر له فقل أمين، فقلت أمين، وعند الثالثة قال لي خاب وخسر من ذكرت عنده ولم يصل عليك فقل أمين، فقلت أمين.
وعلينا أن نجدد العهد (مع الله تعالي في رمضان إلا نعود إلي المعاصي والذنوب ولا نظلم أحداً وأن ندعو إلي الله بالحكمة والموعظة الحسنة وأن نرحم الضعفاء والمساكين وأن نكون بجوار المحتاجين وأن يتعاون الجميع علي قلب رجل واحد لإيصال الحقوق إلي أهلها حتى نخرج من الشهر الكريم وقد أعتق الله رقابنا من النار، وأن نطهر القلوب من الحقد والبغضاء والنفاق وكل ما يلوث الايمان في القلب فإذا استقبلنا رمضان بهذا أدخلنا في قوله تعالي كنتم خير أمة أخرجت للناس نأمر بالمعروف وننهي عن المنكر ونؤمن بالله فيجب علينا في رمضان أن نقرأ كتاب الله في بيوتنا وفي تهجدنا وقيامنا وأن نأخذ منهج القرآن الكريم قراءة ودراسة لواقعنا ومستقبلنا لنعمل جميعا لأجل أمننا ووطننا لننشر السعادة بين الجميع ولا يتحقق ذلك إلا إذا خلصت النيات وصفت النفوس وتعاونت المقاصد.
ويشير الشيخ ناجي آدم عضو لجنة الفتوي بالأزهر الشريف إلي أن المسلم دائما كالنحلة يتحرك بين الزهور من خير إلي خير ومن بر إلي بر حتى يرتقي ويرقي أكثر في مجال العبادة والقرب إلي الله وأيام الله ولياليه كلها نفحات والدليل علي ذلك حديث المصطفي صلي الله عليه وسلم "إلا إن لله في أيام دهره نفحات ألا فتعرضوا لها" فمن نفحات الاشهر الحرام إلي الحج إلي شهر شعبان إلي رمضان كلها مواسم خير ونفحات.
والمسلم يستفيد من هذه الدروس والعبر ويستعد في كل مناسبة استعداداً أعلي فترقي روحه وترتفع أخلاقه وينطلق ذلك علي سلوكه فيرقي المجتمع وتعمر الارض وهي الحكمة التي من أجلها خلق الانسان، وصحابة الرسول الكريم صلي الله عليه وسلم تعلموا في المدرسة النبوية كيف يتسابقون في الخيرات في مثل هذه المناسبات وخاصة مناسبة شهر رمضان الكريم، الذي هو أكبر هدية ونفحة لهذه الأمة ففيه تفتح الجنة وتغلق النار وتسلسل الشياطين.
والمسلم يستفيد في هذا الشهر بأن يدرب نفسه علي الصبر وعلي التحمل وعلي النظام أو علي الاحساس بالآخرين وعلي صلاة الجماعة أكثر وإحياء السنن.
وأوضح الشيخ آدم أن رمضان إذا دخل نادي مناد من قبل المولي عز وجل يا باغي الخير أقبل ويا باغي الشر أدبر وتساءل لماذا الخلاف ولماذا التنازع.
وقد نهينا عنه لقوله تعالي "ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم" فعلي كل مسلم تمر عليه هذه الأيام وتضرب أوتار قلبه ولا يقف عندها متأملا متدبراً أن يراجع نفسه ويتدبر آيات القرآن "وتعاونوا علي البر والتقوي وقوله أيضا واعتصموا بحبل الله جميعا" وهكذا فيجب علي المسلم الاستعداد للصيام لا بالامتناع عن الطعام والشراب والشهوات فقط وإنما بتغير في السلوك وصلة الأرحام والبعد عن السب والقذف وحفظ النظر عن المحرمات ولا ينطق إلا بخير فالجود من سنن الأنبياء مع الإكثار من الدعاء لأن آية الدعاء نزلت في منتصف آيات الصيام "وإذا سألك عبادي عني فإني قريب".
ومن جانبه يؤكد الدكتور مختار جمعة عميد كلية الدراسات الاسلامية بجامعة الأزهر أن المسلم سباق للخيرات في كل وقت وحين وينبغي أن يزداد استباقه في الخير في شهر رمضان، وشهر النفحات والرحمات فقد كان الرسول صلي الله عليه وسلم أجود الناس كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان أجود ما يكون في رمضان وفي حديث النبي صلي الله عليه وسلم عن أحد الصحابة كان من أبعد الناس ممشى عن المسجد وكانت لا تخطئه صلاة فقيل له هل اتخذت دابة تحملك في الرمضاء والظلماء؟ فقال ما سرني أن بيتي إلي جنب المسجد أني لأرجو أن يكتب الله لي ممشايا إلي المسجد إذا مشيت ورجوعي إذا رجعت فبلغ ذلك النبي صلي الله عليه وسلم فقال: قد جمع الله ـ ذلك كله وفي يوم العسرة في غزوة تبوك لما دعا النبي إلي تجهيز الجيش جهز عثمان بن عفان ثلث الجيش وجاء بألف دينار من الذهب ودخل إلي النبي صلي الله عليه وسلم وهو في قبلة مسجده وأخذ يصب الذهب صبا في حجر النبي صلي الله عليه وسلم والرسول يقلب دنانير عثمان وقد تهلل وجهه وقال ما ضر عثمان ما فعل بعد اليوم، ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه ما سبقنا أبي بكر في شيء إلا سبقنا إليه وفي يوم دعا النبي إلي الصدقة فوافق عندي مالا وفيرا فقلت اليوم أسبق أبا بكر فأخذت نصف مالي وذهبت إلي الرسول صلي الله عليه وسلم فقال ما تركت لولدك بالحمر؟ فقلت تركت لهم مثله يا رسول الله فدعا لي بخير ثم جاء أبو بكر فتصدق بكل ما له فقال له النبي ماذا تركت لولدك يا أبا بكر؟ فقال تركت لهم الله ورسوله.
فدعا النبي له بخير فقلت والله ما سبقنا أبي بكر في شيء إلا سبقنا إليه، ويقول عمر أيضا كنت مع رسول الله أنا وأبوبكر وعثمان فمررنا علي ابن مسعود وهو يصلي فأعجب النبي بقراءته فوقف ووقفنا معه حتى ركع ورفع وسجد فقال النبي صلي الله عليه وسلم يابن مسعود سل تعط فقال من أراد أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأ بقراءة بن أمر عبد يقول عمر فلما انصرفنا قلت أذهب لابن مسعود فأبشره فذهبت إليه وطرقت بابه فقال من؟ قلت عمر فقال ما جاء بك الساعة؟ قلت جئت لأبشرك فقال سبقك أبوبكر فقلت منها في نفس لا أسابق أبا بكر بعدها أبدا فهكذا كان أصحاب رسول الله يتسابقون في الخيرات والجهاد والصدقات والبر والبشري.                                                                                                                                                                                                         [/color][/b][/i]