Islam and public life منتدى الاسلام والحياه العامه

منتدى الاسلام والحياه العامه يرحب بكم



منتدى الاسلام والحياه العامه يرحب بكم

منتدى الاسلام والحياه العامه يرحب بكم

اهلا بيكم فى المنتدى الاسلامى اتمنى لكم احلى الاوقات فى زكر الله وحب الله




انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

Islam and public life منتدى الاسلام والحياه العامه

منتدى الاسلام والحياه العامه يرحب بكم



منتدى الاسلام والحياه العامه يرحب بكم

منتدى الاسلام والحياه العامه يرحب بكم

اهلا بيكم فى المنتدى الاسلامى اتمنى لكم احلى الاوقات فى زكر الله وحب الله


Islam and public life منتدى الاسلام والحياه العامه
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المتواجدون الآن ؟
ككل هناك 3 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 3 زائر

لا أحد

أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 64 بتاريخ الجمعة 11 أغسطس 2017 - 20:39
المواضيع الأخيرة
» حرف واحد فى القران الكريم فيه اعجاز مزلزل
 الموت والحشر والحساب Emptyالسبت 4 نوفمبر 2017 - 23:15 من طرف احمدااا

» معجزة إلهية تحير العلماء فى أمريكا .....
 الموت والحشر والحساب Emptyالجمعة 3 نوفمبر 2017 - 12:46 من طرف admin

» اقصر موضوع فى هذا المنتدى
 الموت والحشر والحساب Emptyالثلاثاء 31 أكتوبر 2017 - 0:08 من طرف احمدااا

» اعجاز عددى فى سوره الفيل
 الموت والحشر والحساب Emptyالإثنين 30 أكتوبر 2017 - 21:53 من طرف احمدااا

» جديد// الاعجاز العلمى فى قوله تعالى (فى ادنى الارض) بالتوثيق العلمى
 الموت والحشر والحساب Emptyالأحد 29 أكتوبر 2017 - 22:04 من طرف احمدااا

» استخرج معجزه قرانيه بنفسك
 الموت والحشر والحساب Emptyالسبت 28 أكتوبر 2017 - 22:41 من طرف احمدااا

» ابحث عن هذا الرقم فى سوره الكوثر
 الموت والحشر والحساب Emptyالسبت 28 أكتوبر 2017 - 0:09 من طرف احمدااا

» إكتشاف دورة حياة الشمس ودورانها بهدي القرآن
 الموت والحشر والحساب Emptyالسبت 15 أكتوبر 2016 - 10:02 من طرف admin

» الاسلام يدعو للتفكر
 الموت والحشر والحساب Emptyالخميس 13 أكتوبر 2016 - 16:39 من طرف admin

أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم

الصداع ( وجع الرأس)

الأربعاء 13 فبراير 2013 - 16:00 من طرف admin

الصداع ( وجع الرأس)

العلاج بالقراءة

*ارفع اليدين كما هو الحال في الدعاء واقرأ سورة الحمد والإخلاص والمعوذتين ثم امسح يديك على جسمك ومكان الألم تشفى بإذن الله.
*******
*ضع يدك على موضع الألم وقل ثلاث مرات : (( الله ، الله ، الله …


تعاليق: 0

يات السكينة وادعية التحصين والرقي

الأربعاء 13 فبراير 2013 - 15:59 من طرف admin


آيات السكينة وادعية التحصين والرقية -
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


اخواتي في الله

هذه ادعية التحصين وآيات السكينة وادعية الرقية كي تستنزلوا بها الرحمات وتستدفعوا بها شر الاشرار وشر شياطين الجن والانس

بسم الله …


تعاليق: 0

تحصين شامل وبسيط

الأربعاء 13 فبراير 2013 - 15:58 من طرف admin


***أعوذبالله السميع العليم من الشيطان الرجيم.من همزه ونفخه ونفثه


****اعوذ بكلمات الله التامات من كل شيطان وهامه ومن كل عين لاامه

***أعوذ بكلمات الله التامات من شر ماخلق

****أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات.الاتي …


تعاليق: 0

الحسد ( العين ) :

الأربعاء 13 فبراير 2013 - 15:57 من طرف admin



الحسد ( العين ) :


ش

بما أن الحسد هو تمني زوال نعمة الغير إذا هو
يؤثر على الشيء الذي تقع عليه العين كالإنسان ،
وما يحتويه جسده من صحة ، وعافية ، والبيت ،
وأثاثه ، والدابة ، والمزرعة ، واللباس ، والشراب
، والطعام ، والأطفال …


تعاليق: 0

هل الرقية خاصة بمرض معين ؟

الأربعاء 13 فبراير 2013 - 15:56 من طرف admin

هل الرقية خاصة بمرض معين ؟


قد يتبادر إلى الذهن أن الرقية خاصة بعلاج أمراض
العين والسحر والمس ،

وليس لها نفع أو تأثير في الشفاء من الأمراض
الأخرى كالعضوية والنفسية والقلبية !!
وهذا غير صحيح ، ومفهوم خاطئ عن الرقية يجب
أن …

تعاليق: 0

ثمة أمور نحب أن ننبهك عليها للتذكير لا للتعليم ومنها :

الأربعاء 13 فبراير 2013 - 15:55 من طرف admin


ثمة أمور نحب أن ننبهك عليها للتذكير لا للتعليم ومنها :

1 ـ الاعتماد على الله سبحانه وتعالى وتفويض الأمر إليه ،
وكثرة الدعاء والإلحاح في طلب الشفاء ،
فهذه الرقية ما هي إلا سبب أقامه الله تعالى ليظهر
لعباده أنه هو المدبر …


تعاليق: 0

المراد بالرقية

الأربعاء 13 فبراير 2013 - 15:55 من طرف admin



المراد بالرقية :

هي مجموعة من الآيات القرآنية والتعويذات
والأدعية المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم
يقرؤها المسلم على نفسه ، أو ولده ، أو أهله ،
لعلاج ما أصابه من الأمراض النفسية أو ما وقع له من
شر أعين الإنس والجن ، …


تعاليق: 0

الفرق بين التحصين والرقية

الأربعاء 13 فبراير 2013 - 15:53 من طرف admin



بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
الفرق بين التحصين والرقية
~~~~~~~~~~~~~~~~~
اختلط مفهوم الرقيه والتحصين لدى البعض ولعلنا نوضح في هذا الموضوع مفهوم الرقيه والتحصين:
<< التحصين >>
كلمة …


تعاليق: 0

رقيه عامه بازن الله بنيه المرض

الثلاثاء 24 يوليو 2012 - 13:24 من طرف admin


1)-الفاتحة 0

2)- ( الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ *
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا
رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ


تعاليق: 0

بحـث
 
 

نتائج البحث
 


Rechercher بحث متقدم

احصائيات
هذا المنتدى يتوفر على 116 عُضو.
آخر عُضو مُسجل هو ابراهيم فمرحباً به.

أعضاؤنا قدموا 1778 مساهمة في هذا المنتدى في 1758 موضوع
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم

منتدى الاسلام والحياه العامه
المنتدى ملك احمد عبد العزيز محمد هيكل

جميع الحقوق محفوظة
لـ{منتدى الاسلام والحياه العامه } 
®https://islamandlive.yoo7.comحقوق الطبع والنشر©2012 -

2014

00201002680512


الموت والحشر والحساب

اذهب الى الأسفل

 الموت والحشر والحساب Empty الموت والحشر والحساب

مُساهمة من طرف admin الثلاثاء 12 فبراير 2013 - 17:34



قال الله - سبحانه وتعالى -: ﴿ وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ * وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ * وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ * وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ * لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ * وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ * أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ * قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ * قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ * يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ * وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾ [ق: 16 - 35].




عِلم الله المحيط بأحوال الإنسان:

مهما أخفى الإنسان في نفسه من حديث أو مُعتقَد، أو همَّ بعمل خير، أو هَمَّ بعمل سوء فإن الله مُطَّلع عليه: ﴿ يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ﴾ [غافر: 19].



ومهما حاوَل الإنسان كِتمان اهتماماته وحرَص على إخفائها، فإن الله لا تَخفى عليه خافية؛ ﴿ قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 29].



إلا أن الله بفضله وكرَمه وإنعامه على أمة محمد - صلى الله عليه وسلم - لا يؤاخِذها بما حدَّثت به نفْسها ما لم يظهَر في صورة قولٍ أو عملٍ؛ يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله - تعالى - تَجاوَز لأمتي ما حدَّثت به أنفسها ما لم تقُل أو تعمل))[1]، وهذا لا يشمَل حديث النفس المستقر الذي يصبح عزمًا ويقينًا لدى الإنسان، فإن المنافق الذي يُبطِن الكفر ويُظهِر الإسلام مؤاخَذٌ بما يُضمِره في نفسه، ولو لم يَنْقلِب إلى قول أو فعْل.



وهذا أحد التأويلات الذي ذهب إليه بعض المفسَّرين في قوله - تعالى -: ﴿ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 284].



فإن وساوس النَّفس وأحاديثها وخَطراتها العابِرة تَجاوَز الله عنها؛ لأنه لا سبيل إلى دفْعها، أما العزائم التي تُعقَد عليها النوايا، فهي الداخِلة تحت المُحاسبة، وجاء التعبير القرآني بشدة القُرب والاطِّلاع على وساوس النفس بكونه أقرب إليه من حبل الوريد، وهو الوتين (الشّريان) الذي يوصِّل الدماء من القلب إلى الرأس، وهما وَتِينان أو وريدان عند صفحتَي العُنق، وفي سورة الواقعة جاء التعبير عن القُرب للميت في قوله - تعالى -: ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ * وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ * وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ * فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ * تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الواقعة: 83 - 87]، وتخصيص الوريد بالذِّكر هنا؛ لأنه الشّريان المتصِل بالقلب مباشرة، وهو مكمَن الوساوس والمشاعر، والمتصِل بالدماغ، وهو مكمَن المُعتقَدات والأفكار؛ فعِلم الرب أقربُ إليه من عِلم القلب[2]، وليس قربًا بالمكان، فهو تشبيه معقول بمحسوس، ومن لطائف هذا التمثيل أن حبل الوريد - مع قُرْبه - لا يَشعر الإنسان بقُربه؛ لخفائه، وكذلك قُرب الله من الإنسان بعِلمه قُرْبٌ لا يشعر به الإنسان[3].



• ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 17، 18].



أوْكَل اللهُ - تعالى - مَلَكين بكل شخص من بني آدم، أحدهما على كَتِفه الأيمن، وهو الموكَّل بكتابة الحسنات، والثاني على كَتِفه الأيسر، وهو الموكَّل بكتابة السيئات، ومَلَك اليمين أمير (آمِر) على مَلَك الشمال، فإذا عمِل المسلم حسنةً كتَبها فورًا؛ الحسنة بعَشْر أمثالها، وإذا همَّ بحسنة كتَبها له واحدة، وإذا هَمَّ المسلم بسيئة، ثم رجع عن همِّه، فلم يعمَلها كتَبها له حسنة، أما إذا عمِل المسلم سيئة أمَر مَلَك الشمال بعدم كتابتها فورًا، لعَلَّه يتوب منها أو يستغفِر، فإذا مضت مدة مُعيَّنة ولم يتُب منها، أمَرَه بكتابتها سيئة واحدة[4]، فكل ما يتكلَّم به الإنسان مرصودٌ من قِبل المَلَكين، رقيب؛ أي: حافظ، وعتيد: ثابت، لازِم، حاضر.



وهذان المَلَكان يكتُبان على الإنسان كل شيء يتلفَّظ به، حتى الأنين في المرض[5]، وإذا كان الإنسان يؤاخَذ على أقواله، فمن الأَولى أن يُحاسَب على أعماله، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: ((وهل يَكُبُّ الناس في النار على وجوههم إلا حصائدُ ألسنتهم))[6]، والكلمة مسؤولة في الإسلام، فقد تَهوي بصاحبها سبعين خريفًا في نار جهنم، ولا يُلقي صاحبها لها بالاً، إذا كانت الكلمة من غضَب الله تعالى، وقد تُدخِله الجنة إذا كانت في رِضوان الله تعالى.



ولعل الاقتصار على القول في سياق ذِكْر الاحتضار وسكرات الموت؛ لأن الإنسان عاجِز في تلك اللحظات عن القيام بأي عمل، فلا تَصدُر منه إلا أقوال من تَضجُّر أو أنين أو شهادة بالتوحيد أو ضِدها أو وصايا أو إقرارات، وقد تَبرُز مدفونات المُعتقدات والاهتمامات الشاغِلة للبال المستقرة في اللاوعي.



﴿ وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾:

لا توجد حقيقة مُسلَّم بها في العالم كحقيقة الموت.



ولا توجد غفْلة عن شيء قادِم كما الحال في الغفْلة عن الموت.



بل لا يريد الإنسان أن يتذكَّرها، ولا أن يُذكَّر بها؛ لأنها تُنغِّص عليه مُتَعه وشهواتِه؛ لذا أمر الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن نُكثِر من ذِكْر هادِم اللذات؛ أي: الموت.



يقول - جل شأنه -: ﴿ وَاقْتَرَبَ الْوَعْدُ الْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ الَّذِينَ كَفَرُوا يَا وَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 97].



ووصف وقت مجيء الموت بالسكرة والسكرات؛ لأنها تُغطِّي عقل الإنسان فتَسلُبه القوة المدرِكة للمعلومات، وذلك عند اشتِداد النزع، وخروج الرُّوح من أجزاء البدن، ونزْع الروح من الجسم أشدُّ من ضربات السيف على البَدَن، وكان رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم- يُدخِل يده في قَدَحٍ من الماء، ويَمسح وجهه الشريف - حين حضَرتْه الوفاة - ويقول: ((إن للموتِ لسَكَرات))[7].



﴿ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ ﴾:

أي: ذلك الموت، وهذه اللحظات كنت تَفِر منها وتَهرَب، فقد جاءتك، فلا محيد ولا مناص ولا خَلاص، كل الناس يكرهون الموت، إلا أنَّ المشركين يَحرِصون على الحياة أكثر من المؤمنين؛ لعدم اعتِقادهم بالحياة الآخرة؛ يقول - عز مِن قائل -: ﴿ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 96].



والمؤمن يكْره الموت جِبِلَّة، وربما يرغَب في الحياة؛ لاستِدراك ما فاته من العمل الصالح، أو الاستِزادة منه، وكثير من السلف الصالح كانوا يستبشِرون بالموت ولقائه؛ لأنه البوابة التي يدخلون منها إلى جنات النعيم، ولقاء الأحبة محمد - صلى الله عليه وسلم - وصَحْبه الكرام.



﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ ﴾:

جاء ذِكر النفخ في الصُّور في آيات كثيرة، ومرجِعها إلى نَفختين:

النفخة الأولى: (نفخة الصَّعْق):

وجاء ذِكرها في قوله - تعالى -: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ ﴾ [الزمر: 68].



النفخة الثانية: (نفخة البعث):

وجاء ذِكرها في قوله - تعالى -: ﴿ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68]، ولا يدري أحدٌ كم يكون الوقت بين النفختين.



وجاءت آيات في سياقات مُتعدِّدة تُذكِّر بالنفخة الثانية: (نفخة البعث)؛ كما في قوله - تعالى -: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الْأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَنْ بَعَثَنَا مِنْ مَرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ﴾ [يس: 51، 52].



وقوله - تعالى -: ﴿ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَتَأْتُونَ أَفْوَاجًا ﴾ [النبأ: 18].



ثم يأتي النداء لجمع الناس إلى أرض المحشر: وهل هذا النداء نفْخة ثالثة، أو نداء خاصٌّ يجمع الناس إلى الموقف؟

قال - تعالى -: ﴿ وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنَادِ الْمُنَادِ مِنْ مَكَانٍ قَرِيبٍ * يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُرُوجِ * إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي وَنُمِيتُ وَإِلَيْنَا الْمَصِيرُ * يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِرَاعًا ذَلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنَا يَسِير ﴾ [ق: 41 - 44].



وسمَّى القرآن الكريم هذا الحشر بِناءً على نداء المنادي، وسماه تارة بالصيحة، وتارة بالزَّجرة، وهو أسلوب قرآني يُراعي السياق عند التعبير عن الحقيقة الواحدة بألفاظ مختلفة.



فمثلاً استخدام "الزجرة" مناسب تمامًا لإيقاعات النازعات التي تُمثِّل السرعة والاضطراب في النفوس، والهَلَع في القلوب؛ يقول - عز من قائل -: ﴿ يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ * قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ * أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ * يَقُولُونَ أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ * أَإِذَا كُنَّا عِظَامًا نَخِرَةً * قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ * فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ * فَإِذَا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ ﴾ [النازعات: 6 - 14].



وحشْر الناس إلى أرض المحشر بِناءً على تلك الزجرة يَلُفه الخوف والفزع والسرعة، والعنف والذل وخشوع البصر وشُرود الذهن من المحشورين، الذين لا يُدرِكون حقيقة المصير الذي يتوجَّهون إليه، والمقر الذي يَستقِرون فيه.



وذهَب بعضهم إلى أن النفخات ثلاث:

الأولى: نفخة الفزع الأكبر: وأُشير إليها في قوله - تعالى -: ﴿ وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فَفَزِعَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ وَكُلٌّ أَتَوْهُ دَاخِرِينَ ﴾ [النمل: 87].



الثانية: نفخة الصعق: وهي التي يكون بها موت الخلائق، وخَراب الكون، وجاءت الإشارة إليها في سورة الزمر في قوله - تعالى -: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَنْ شَاءَ اللَّهُ ﴾ [الزمر: 68].



وفي سورة الحاقة في قوله - تعالى -: ﴿ فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ * وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً * فَيَوْمَئِذٍ وَقَعَتِ الْوَاقِعَةُ * وَانْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ * وَالْمَلَكُ عَلَى أَرْجَائِهَا وَيَحْمِلُ عَرْشَ رَبِّكَ فَوْقَهُمْ يَوْمَئِذٍ ثَمَانِيَةٌ ﴾ [الحاقة: 13 - 17].



الثالثة: نفخة البعث والنشور: كما في قوله - تعالى -: ﴿ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنْظُرُونَ ﴾ [الزمر: 68].



وهي التي جاء التعبير عنها أحيانًا بالصيحة والنداء والزجرة.



وسواء كانت النفخات ثلاثًا أو اثنتين ومعها الصيحة؛ فكلها تُبيِّن القضاء المُبرَم لحشر الناس إلى أرض المحشر؛ لإجراء الحساب، ووزْن الأعمال في ذلك الموقف العصيب واليوم الرهيب.



﴿ وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ ﴾:

جاء التعبير القرآني بأساليبَ كثيرة في وصْف حال الناس عند توجُّههم إلى أرض المحشر، وكل صورة منها تعكِس الحال الداخلية لأصحابها، إما على قَسَمات وجوههم أو على طريقة سَيْرهم، أو بعض أحوالهم الأخرى:

أما السرعة والذُّل: فتَعرِضه الآيتان في قوله - تعالى -: ﴿ يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْدَاثِ سِرَاعًا كَأَنَّهُمْ إِلَى نُصُبٍ يُوفِضُونَ * خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [المعارج: 43، 44].



والجزاء من جِنس العمل: لقد كانوا يُسرِعون للطواف حول أصنامهم وهم فَرِحون، مبتهلون مستبشِرون، وفي أعيادهم ومناسباتهم للاحتفال بطقوسهم الدينية، كانوا يخرجون زرافاتٍ ووُحْدانًا، واليوم يَخرُجون من القبور تَغشاهم الذِّلة والقلق والاضطراب، إنه اليوم الموعود الذي أنكرَوه وكذَّبوا به.



أما خروجهم من أصقاع الأرض وانتشارهم عليها من كل حَدَب وصوب، فتُصوِّره الآيات التالية؛ يقول - تعالى -: ﴿ فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلَى شَيْءٍ نُكُرٍ * مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكَافِرُونَ هَذَا يَوْمٌ عَسِرٌ ﴾ [القمر: 6 ،7].



إن التشبيه بالجراد الكثير الذي يملأ وجْه الأرض، ويأتي من كل جِهة تصوير دقيق وراعب لصورة الناس، وهم هائمون على وجوههم يخرجون أفواجًا تِلو أفواج، وهم في تلك الحالة المُفزِعة المُضطرِبة.



أما الأحوال التي يكون عليها الناس نتيجة انعكاس أحوالهم (المعنوية) على الظاهر المادي، فيَعرِضها القرآن الكريم في صورٍ مُذهلة:

يقول - عز من قائل -: ﴿ فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ * ضَاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ * وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْهَا غَبَرَةٌ * تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ * أُولَئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ ﴾ [عبس: 33 - 42]، قيل: السائق من الملائكة، والشهيد: شاهِد عليه من نفسه، وقيل: مَلَكان.



﴿ لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾:

الغفلة: الذهول عما شأنه أن يُعلَم، والمراد بها هنا الإنكار والجحود؛ إذ المؤمن لا يغفُل عن الموت والحساب، وإن جاءته أوقات غفَل فيها عن ذِكْر الموت والحشر، فسَرْعان ما يتذكَّر كل ذلك عند صلواته، وعند أذكاره، فمن عظمة الإسلام أن ربَط المسلمين بأدعية وأذكار وعبادات تُذكِّرهم بالله وباليوم الآخر كل أوقاتهم.



والغطاء: هي الشواغِل والاهتمامات والحُجُب التي كانت تشغَله عن ذِكر الموت، أو رؤية حقائق الموت، وقبْض الرُّوح.



﴿ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ ﴾: حِدة البصر: نفاذُه في المرئيات، وعند خروج الرُّوح من البدن تتكشَّف الحقائق للإنسان، وتصبح المغيَّبات مشاهَدات، يُدرِكها الإنسان، ولا يبقى مجالٌ لِما كانوا يقولون في الحياة الدنيا، وكانوا يقولون: ﴿ أَإِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ ﴾ [الصافات: 16، 17]، ويتحقَّقون من البعث والجمع؛ كما ورَد في قوله - تعالى -: ﴿ قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ * لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ * ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ * لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ * فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ * فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ * هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ ﴾ [الواقعة: 49، 56]، وكل إنسان تتكشَّف له الحقائق عند الموت؛ فالمؤمن يرى مقعده من الجنة، والكافر يرى مقعده من النار؛ لذا لم تُقبَل توبة الكافر عند غرغرة الموت؛ لأن وقت الابتلاء بالتصديق أو التكذيب قد فات، وظهرت الحقائق لكل أحد.



﴿ وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ ﴾:

القرين: الشيطان الموكَّل بكل إنسان، يدعوه إلى الشر، ويَصرِفه عن الخير.



يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ما من أحد إلا وكِّل به قرينٌ من الجن))، قالوا: وإياك؟، قال: ((وإياي إلا أنَّ اللهَ أعانني عليه فأسلَم، فلا يأمرني إلا بخير))[8].



﴿ أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ * الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ ﴾؛ الخطابُ للملائكة الموكَّلين به.



﴿ كَفَّارٍ عَنِيدٍ ﴾: كفَر بنِعَم الله عليه؛ من العقل والسمع والبصر والصحة والمال والأولاد؛ فلم يشكر نِعَم الله عليه، ولم يستخدِم تلك النِّعمَ فيما خُلِقت له، وعانَد دواعيَ الإيمان من داخِله؛ الفطرة والعقل، ومن خارِج نفسه؛ دعوة الأنبياء والمرسلين، والسائرين على منهجهم؛ من المصلحين والأئمة المهديِّين.



﴿ مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ ﴾: على رأسها: الصدق، وأعمال البر، والإنفاق في سبيل الله، ويدخل فيها العمل الصالح في مختلف مجالات الحياة، مما يُصلِح حياة الأفراد والجماعات، ويقيمها على شريعة الله.



وقيل: الذي يمنع دخول الناسَ في الإسلام؛ فالخير كله في الإسلام.



﴿ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ﴾: مُتجاوزٍ لحدود الحق، سواء بالكلمة أو بالفعل، وغير ذلك من أساليب الظلم والشر، ومرتابٍ شاكٍّ في الحق، وفي دعوة الأنبياء والبراهين المقامة من الكتاب المفتوح الكون، والكتاب المُنزَّل.



﴿ الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ ﴾: سواء كان هذا الإله المزيَّف من الأوثان المادية أو المعنوية، كالعِلم والمبدأ والحزب والقوم... فكل هؤلاء عُبِدت من دون الله في العصور السابقة واللاحِقة.



﴿ قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ﴾:

يقول قرينه: لم أكن سببًا في إضلال هذا الإنسان، وإنما كان ضلاله ذاتيًّا؛ فطغى هو بضلاله، وقيل: إن الكافر يزعُم أن المَلَك الموكَّل بكتابة سيئاته قد زاد فيما كتَب، فيقول الملك: ربنا ما أطغيتُه؛ أي: ما زدتُ عليه"[9].



﴿ قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ * مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [ق: 28، 29]:

كل الكفرة والمجرمين يتنصَّلون من جرائرهم التي عمِلوها في الدنيا، ويُلقون بالتَّبِعة على متبوعيهم من الإنس والجن الذين أضلُّوهم، إلا أن الله - سبحانه وتعالى - الذي أعطى العقل والإدراك لكل شخص يُحاسِبه على ذلك: ﴿ وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى * وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى ﴾ [النجم: 39، 40]، نعم قد تتضاعَف العقوبة على الداعية إلى الضلالة، فيكتب عليهم أوزار الذين كانوا سببًا في إضلالهم، ولكن لا يُنقَص من عذاب الأتباع؛ فكلٌّ فيها خالد، وقد جاء بيان كل ذلك على ألسنةِ الأنبياء والمرسَلين، فلا يظلِم ربك أحدًا، إن الحق ثابتٌ مستمر ولا يمكن تغييره أو التلبيس عليه، فلا تمويه ولا تغيير ولا تبديل، ولا ظُلْم، ولا يظلم ربك أحدًا.



﴿ يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلِ امْتَلَأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ ﴾:

خلَق الله - سبحانه وتعالى - الجنة وجهنم، ووعَد لكل واحدة منهما ملأها؛ عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا تزال جهنم يُلقى فيها، وتقول: هل من مزيد، حتى يضع رب العزة فيها قَدَمه، فينزوي بعضها إلى بعض وتقول: قط قط، وعِزَّتك وكرَمك، ولا يزال في الجنة فضلٌ، حتى ينشئ الله لها خلْقًا آخر فيُسكِنهم في قصور الجنة))[10].



﴿ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ ﴾:

تزيَّنت الجنة واقترَبت للمتقين الذين يعودون إلى ربهم، ويتوبون كلما وقَعوا في ذنبٍ، ولا يُصِرون على الإثم.



عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((تحاجَّت الجنة والنار، فقالت النار: أوثِرتُ بالمتكبرين والمتجبِّرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقَطُهم؟ قال الله - تبارك وتعالى - للجنة: أنت رحمتي أرحَم بكِ من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي، أعذِّب بكِ من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما النار فلا تَمتلئ حتى يضع الله - تبارك وتعالى - رِجْلَه، فتقول: قط قط، فهنالك تمتلئ ويُزوى بعضُها إلى بعض، ولا يظلِم اللهُ من خلْقه أحدًا، وأما الجنة فإن الله يُنشئ لها خَلْقًا))[11].



﴿ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ﴾:

من خاف الله - تعالى - في سِرِّه؛ حيث لا يراه أحد إلا الله - عز وجل - فيحفظ نفسه من الذنوب، كما يحفظها في الجَهر، وقيل: للتائب في السر من ذنوبه إذا ذكرها كما فعَلها في السر، وقيل: الذي يَستتر بطاعته لئلا يُداخِلها في الظاهر رياء.



﴿ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾:

تتلقى الملائكةُ أهلَ الجنة بالترحاب وبُشرى الخلود في دار النعيم؛ كما قال - تعالى -: ﴿ وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ ﴾ [الزمر: 73].



﴿ لَهُمْ مَا يَشَاؤُونَ فِيهَا ﴾:

لأهل الجنة ما يتَمنَّون: ﴿ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ ﴾ [الزخرف: 71]، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((فيها ما لا عينٌ رأت، ولا أُذُن سمِعت، ولا خَطَر على قلب بشر))[12].



﴿ وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ ﴾: الزيادة: النظرُ إلى وجه الله الكريم، وقيل: اجتِماعهم كل جمعة بربهم.



وقيل: الزيادة: الحور العين التي تُبْعث من السحاب.



ما يُستفاد من الآيات الكريمة:

1- عِلم الله المحيط بكل صغيرة وكبيرة في الكون والمخلوقات، واطِّلاعه على خفايا الصدور.



2- المَلَكان الموكَّلان بكتابة أقوال الإنسان وأفعاله لا يتركان صغيرة ولا كبيرة إلا ويدوِّنانها في كتاب يُعرَض عليه يوم القيامة ليُحاسب عليها.



3- هروب الإنسان من الموت لا يُنجِيه: ﴿ قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلَاقِيكُمْ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾ [الجمعة: 8].



4- من مشاهَد يوم القيامة التي هي جزء من عقيدة المسلم: النفخ في الصور للصَّعق، ثم النفخ فيه مرة أخرى للبعث، وحشْر الناس يوم الحساب، ووقوع التخاصُم والتناكر بين الناس، والقضاء الحق المُبرَم.



5- من الأمور التي يَستحِق عليها الإنسان نار جهنم: (إنكار وجود الله)، مُعانَدة الحق، منْع الخير، الظُّلم، الشك في اليقينيات، اتِّخاذ الشركاء لله تعالى.



6- لكل من الجنة والنار مِلؤها، ولا يزال يُلقى في النار حتى تقول: قط قط؛ أي: اكتَفيتُ.



7- من الأمور التي يَستحق صاحبها الجنة: تقوى الله - تعالى - باجتِناب معاصيه والإتيان بأوامره، التوبة من الذنب بمجرد الوقوع فيه، حِفْظ النفس من الوقوع في الآثام، وحِفظ القلب من الوقوع في الغفْلة، وكثرة الاستِغفار في كل الأحوال.



8- نعيم الجنة لا يُحيط به عِلم الإنسان، والحياة الخالدة فيها، والأمن من كل مكروه، ولذَّة النظر إلى وجه الله الكريم لا تُضاهيها لذة، وهو المزيد الذي وعَد اللهُ عباده به.
admin
admin
Admin

عدد المساهمات : 1797
ممكن تقييمك للمنتدى : 5398
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 09/07/2012
الموقع : مصر

https://islamandlive.yoo7.com

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى